اضطراب الهوية الجنسية هو تشخيص يطلق على الأشخاص الذين يعانون من حالة من اللا ارتياح أو القلق حول نوع الجنس الذي ولدوا به ، ويعتبر تصنيفاً نفسياً ، لكن اسبابه بيولوجية كالتركيبة الجينية للأنسان او البنية الدماغية المتعلقة بالتأثيرات الهرمونية على الدماغ في فترة التكوين الجنيني ، ويصف هذة التشخيص المشاكل المتعلقة بالتغير الجنسي وهوية التحول الجنسي ، وهو تصنيف تشخيصي ينطبق بشكل عام على المتغيرين جنسياً.
![]() |
اضطراب الهوية الجنسية |
يتميز اضطراب الهوية الجنسية بنفور شديد بشأن جنس الشخص الفعلي، مع رغبة للانتماء للجنس الآخر، ويكون هناك انشغال دائم بملابس أو نشاطات الجنس الآخر مع رفض للجنس الفعلي ، وينتشر هذا الاضطراب في البنين أكثر منه في البنات . حيث تبدأ الأعراض بالظهور منذ الولادة، وحيث إنه يختلف سلوك الرضيع الذكر عن الأنثى ، فيتبع الرضيع المريض سلوك الجنس المعاكس، ثم تزيد وتتضح الأعراض أثناء الطفولة المبكرة، فيشعر الطفل الذكر مثلاً الذي لم يتعد 3 سنوات أنه أنثى، ويسلك سلوك الطفلة الأنثى في مختلف نواحي حياته، بدايةً من أسلوب اللعب، وحتى طريقة قضاء حاجته .
أسباب اضطراب الهوية الجنسية
ليس هناك أسباب محددة لاضطراب الهوية الجنسية ، حيث أن اضطراب الهوية الجنسية هو مرض يولد به الإنسان ، ولاكن هناك بعض العوامل المساعدة مثل : العوامل البيولوجية مثل التشوهات، الإزدواجية الجنسية .
وقد اتضح أن هناك ما يسمى بالخطوط الجندرية أو الجنسية بالمخ، هي المسؤولة عن تعريف وشعور المخ بالجنس الذي ينتمي إليه، وهو ما يسمى بالهوية الجنسية ، وقد توصل العلماء إلى أن هذه الخطوط تكون مختلفة في هؤلاء المرضى ، بحيث يشعر الإنسان منذ ولادته أنه ينتمي للجنس المعاكس لجنسه التشريحي.
وتبين أن هذا الاختلاف يرجع إلى اضطراب في الهرمونات التي يتعرض لها الجنين قبل الولادة، مما يؤثر على جيناته ، وعليه يؤثر على الخطوط الجنسية بالمخ، فتبدأ مأساة اضطراب الهوية الجنسية .
أعراض وعلامات اضطراب الهوية الجنسية
أعراض وعلامات الاضطرابات الجنسية لدى الإناث : -
- كرب ثابت ومستمر حول كونها بنت مع رغبة في أن تصبح ولدا .
- ممارسة الألعاب الخشنة
- اقتناء المسدسات .
- الابتعاد عن لعب العرائس .
- رفض التبول في وضع الجلوس .
- ومنهم من تدعي أو تتخيل بأنه سيظهر لها عضو ذكري وأنه لن ينمو لها أثداء مثل أقرانها من البنات ، ولا يهتمون بالأدوار النسائية ، ويتخذن أصدقاء من الذكور.
أعراض وعلامات الاضطرابات الجنسية لدى الذكور : -
- كرب مستمر حول كونه ولداً ورغبة في أن يصبح بنتاً .
- لبس الفساتين .
- اللعب بالعرائس .
- رفض اللعب مع الأولاد .
- الاهتمام بما تلبسه البنات من ملابس داخلية أو خارجية أو أدوات زينة .
- الاهتمام بالموضة وما تقدمه دور الأزياء .
- ومنهم من يتخيل أنه سيصبح امرأة وتختفي أعضائه الذكورية وتظهر له أعضاء أنثوية وأنه سيصبح قادر على الحمل .
- ويعانون من الرفض والنبذ الاجتماعي بدرجة أكبر من البنات مضطربي الهوية الجنسية .
تشخيص اضطراب الهوية الجنسية
تشخيص اضطراب الهوية الجنسية يقتضي وجود اضطراب في الإحساس الطبيعي بالذكورة أو الأنوثة بالرغم من عدم وجود أسباب عضوية لذلك ، وأن مجرد السلوك الصبياني بين البنات أو السلوك البناتي بين الأولاد ليس كافياً .
ويتم تأكيد التشخيص عند وجود المعايير التالية : -
- نزعة قوية ودائمة للتماهي (التعرف على الذات) مع الجنس المغاير ، وليس فقط مجرد رغبة بسبب وضع اجتماعي أفضل للجنس الآخر، وفي المراهقين والراشدين يظهر الاضطراب بأعراض مثل : الإقرار بالرغبة في أن يكون من الجنس الآخر، والتصرف غالباً كفرد من الجنس الآخر، أو الرغبة في أن يعامله الآخرون كفرد من الجنس المغاير، أو القناعة التامة بأنه ينتمي للجنس المغاير ويشعر بمشاعره ويتفاعل بطريقته .
- ضيق دائم و عدم رضى عن شعوره بعدم ملائمة الدور الاجتماعي الذي يمليه عليه الدور الاجتماعي لجنسه التشريحي ، و في المراهقين و الراشدين يظهر ذلك بأعراض مثل : الانشغال من التخلص من صفات و اعضاء الجسد الجنسيه التي تنتمي للجنس المرفوض ، فيطلب مثلا العلاج بالهرمون لتغيير نبره الصوت و ربما يحلم بالجراحه لتغيير تلك الاعضاء حتى يشبه افراد الجنس المغاير ، و منهم من يعتقد انه ولد خطأ بهذا الجنس .
- يجب ان لا يشخص هذا الاضطراب في حالات الخنثى أي التداخل البيولوجي الفعلي بين الجنسين ، و ليس النفسي فقط .
- يجب الا يكون الاضطراب مصحوباً بخلل و عدم راحه في التصرف اجتماعياً او وظيفياً او غير ذلك من مناحي السلوك .
التفسير العلمي لمرض اضطراب الهوية الجنسية
عندما تكون كجنين في الاسبوع الثامن من الحمل ، هناك هرمونات معينة تبدأ بالتواصل، والرسالة تبدأ بالمخ ومن ثم تنتقل الى الغدة التناسلية ، لانه في البداية ، قبل الاسبوع الثامن من الحمل، تكون الغدد التناسلية غير مصنفة .
- كلنا في هذه المرحلة لنا القابلية لنكون اناثاً او ذكوراً، ولكن هذا ليس مصنفاً .
- فعند مرور الاسبوع الثامن من الحمل، يقوم المخ بإرسال هرمونات معينة الى الغدد التناسلية، لتقوم بتذكير او تأنيث الغدد التناسلية والتي بدورها ستقوم بالتحول الى الجهاز التناسلي المؤنث او المذكر .
- الرسالة ترسل من المخ الى الاسفل لتقول : قومي بعملك وبعدها عودي الى الاعلى .
- احياناً لا تعود الرسالة الى الاعلى او تعود للاعلى جزئياً ، ولذلك ما يحصل هو خلل بيولوجي .
- مرة اخرى ان الخطوات اكثر تعقيداً عن الشرح، ولكن لتبسيط الفكرة، هذا مايحصل ، الرسالة ترسل ولكن تعاود الى الرجوع جزئياً وعندها يحدث الاضطراب .
- هؤلاء الافراد ليسوا خطرين، ليسوا شواذ، ليسوا متواجدين لكي يؤذوك او يتعدوا على اطفالك او يقتلوك، انهم اناس محبون مثلك .
ومن الناحية العلمية فان مرض اضطراب الهوية الجنسية يطلق من المصطلح الأجنبي بـ (الترانسكس) أي التحول الجنسي من ذكر الى أنثى، أو من أنثى الى ذكر .
وهذا النوع من المرض لم يكن معروفاً في الماضي، ولم تكن عمليات التحويل الجنسي معروفة، لكن الأطباء اليوم يقولون : انه مرض حقيقي معترف به في الموسوعات الطبية المحترمة ، وقد ورد في دائرة المعارف البريطانيّة عن مرض التحول الجنسي أنه (اضطراب في الهوية الجنسية، يجعل المصاب به يعتقد أنه من الجنس المعاكس).
فالذكر مثلاً يولد بأعضاء تناسلية ذكرية كاملة، وهو بالتالي ليس خنثى، لكنه منذ سن مبكرة جداً يصنف نفسه مع النساء، ويتصرف كواحدة منهن ، ويتطلع الى انشاء علاقات مع الذكور باعتبارهم الجنس الآخر، فهو ليس مصاباً بالشذوذ الجنسي . بل انّ جمعيات الشذوذ في أميركا رفضت انتساب المتحولين جنسياً اليها، لأن معظمهم لا يرغب بممارسة الجنس المثلية ، فالذكر المتحول جنسياً الى أنثى، يرغب بممارسة علاقاته مع الذكور كأنثى، وفق الأعراف والتقاليد التي يظن أنه يمكن الوصول اليها ، لهذا يطمح من مجتمعه أن يعامله معاملة الأنثى الطبيعية، كما أنّه ليس مصاباً بالانحراف الجنسي الذي يدفع الرجل الى ارتداء ملابس المرأة، أو يدفع المرأة لارتداء لباس الرجل من قبيل التشبه ، بل هو يرغب بالتحول الكامل الى الجنس الآخر .
- وهي رغبة لا فكاك منها، لأن مرض (الترانسكس) مرض فعلي كما يصرّح المصابون به، وكما يقول الأطباء، وليس نزوة شيطانية .
- وقد ورد في دائرة المعارف البريطانية أيضاً : يستمر هذا المرض لسنوات طوال، وعلى الأغلب العمر كلّه، مع خطورة تطوّر الاكتئاب والوصول به الى الانتحار، وهو يبدأ في مرحلة مبكرة قبل البلوغ اذ لا علاقة له بالرغبات الجنسية، ويستمر حتى اجراء الجراحة، وان كان لا ينتهي تماماً بها ، ويقول أحد المصابين بهذا المرض (انه لا خيار له في هذا المرض بل هو مصيبة نزلت على رأسه) .
- أمراض نفسية خطيره يسببها المرض ، ومن يدرس أعراض هذا المرض يجد أن أصحابه تصيبهم الأمراض النفسية المصاحبة لهذا المرض، وهو مرض نفسي يؤدّي بالمريض الى الانزواء والتراجع وتحمل عذاباته الرهيبة خوفاً من افتضاح حقيقته .
- والعلاج النفسي لهذا المرض لا يفيد، كما يقول الدكتور سعيد عبد العظيم، خاصّةً وأنّ معظم هذه الحالات لا تكتشف الاّ في مرحلة متأخّرة بعد البلوغ، كما أنّ المريض نفسه لا يعترف بأن مرضه نفسي .
- بل ان فكرة التحول الى الجنس الآخر تصبح ملحة عليه، وتسيطر على كل أفكاره، وتدفعه للّجوء الى الجراحين .
يقول الدكتور محمد شوقي كمال : (اذا كانت مهمة الطب هي المحافظة على حياة الانسان، فلماذا نعرض هؤلاء المرضى للعذاب؟ ولماذا نحظر عليهم شيئاً من حقهم كمرضى حقيقيّين؟ ونحن عادةً كجرّاحين لا نأخذ الحالات هكذا، بل نشترط خضوع المريض لاشراف الطبيب النفسي المباشر مدّة سنتين على الأقلّ) .
- ويقول (ان المتحولين جنسياً لا يستطيعون الانجاب مطلقاً، لكن الأهم بالنسبة لهم أنّهم يستطيعون أن يعيشوا حياة زوجية سعيدة، ويشعرون بالراحة الشديدة على نحو لا يوصف، ويستردون اتساقهم مع ذواتهم، والحقيقة : أنا لم أرى مريضاً واحداً أجرى تلك الجراحة وأبدى ندماً عليها، وهذا دليل على سعادتهم بالتحول) .
ومن هذا العرض العلمي الموجز الذي استقيناه من تحقيق موسّع حول هذا الموضوع أجراه السيّد أسامة الرحيمي في القاهرة ، تبين لنا أن مرض (الترانسكس) أو التحول الجنسي، هو انفصام حاد بين النفس والجسد، فيكون الذكر كامل الذكورة من حيث الأعضاء الظاهرة، لكن احساسه النفسي مناقض لذلك تماماً، فهو يحس أنه أنثى، كما تكون الأنثى كاملة الأنوثة من حيث الأعضاء الظاهرة، لكنها تشعر أنها ذكر.
فاذا تعذر عن طريق المعالجة النفسية، انهاء هذا الانفصام، لم يعد أمامنا الاّ اجراء عملية (التحول الجنسي)، وذلك بهدف اعادة التكيف بين النفس والجسد، وهو أساس الصحة النفسية والجسدية عند الأطبّاء والعلماء.