النزيف hemorrhage

حميد صالح الحراسي
المؤلف حميد صالح الحراسي
تاريخ النشر
آخر تحديث

 النزيف هو فقدان الدم عن طريق خروج الدم من الأوعية الدموية إلى خارج الدورة الدموية، واستمرار هذه الحالة يؤدي إلى نقص في كمية الدم المتوفرة في الدورة الدموية. 

فقدان الدم عن طريق خروج الدم من الأوعية الدموية إلى خارج الدورة الدموية
النزيف

ينقسم النزيف من ناحية الموقع إلى نزيف داخلي ونزيف خارجي. كما يقسم النزيف من ناحية كمية الدم المفقود في الوحدة الزمنية إلى نزيف حاد ونزيف مزمن. 

اسباب النزيف

تتعدد أسباب نزيف الدم فمنها أسباب مرضية مثل مرض الهيموفيليا أو نتيجة عن القيام بعمليات جراحية، وقد تكون أسباب النزيف بعض الجروح سواء الجروح السطحية أو الجروح الغئرة، ولنا أن نعلم أن الجروح الغائرة لا تنزف كميات كبيرة من الدم حيث أن الأنسجة لديها القدرة على الالتئام السطحي بسهولة لمنع خروج الدم من الجسم. 

انواع النزيف

هناك عدة أنواع للنزيف، كما أن هناك عدة تقسيمات، فقد يكون النزيف داخلي، او خارجي، وقد يكون النزيف مبرر أو غير مبرر، وقد يكون النزيف إما نزيف حاد، أو نزيف مزمن، كما أن هناك نوع أخر من النزيف وهو الذي يحدث نتيجة خلل في تخثر الدم. 

النزيف المبرر

النزيف المبرر هو النزيف الذي له سبب واضح يبرره، وهو بالتالي لا يكشف خللاً في تخثر الدم، ومثاله النزف عند قطع اليد بسكين حاد وإصابة أحد الشرايين، بمعنى أن كون المريض ينزف هنا لا يعنى أن نظام تخثير الدم عنده فيه مشاكل مرضية، ومثاله أيضاً نزف المعدة المصابة بالقرحة، فالقرحة قد تجرح وعاءً دموياً في داخل المعدة، مما يجعل النزف مبرراً.

النزيف غير المبرر

النزيف غير المبرر هو النزيف الذي يحدث بعد إصابات طفيفة، مثل خدش للجلد، أو قطع طفيف للإصبع، والذي يظهر أنه غير طبيعي، ومن الأمثلة أيضاً النزف الذي يحدث دون سبب على الإطلاق، كأن يبدأ النزف من الأغشية المخاطية دونما سبب ظاهر، وينزف مثلا في الجلد دونما وجود إصابة تفسر هذا النزف. 

خلل في تخثر الدم

هذا النوع من النزيف عادة مايدل على خلل ما في نظام تخثر الدم وله أسباب عديدة منها نقص في بعض الفيتامينات مثل فيتامين ك، أو أمراض الكبد المتقدمة، أو بسبب العلاج الكيميائي الذي يقلل من الصفائح الدموية، وقد يكون النقص ناتجاً عن المرض السرطاني مثل سرطان الدم الذي يوثر على عدد الصفائح الدموية، ويؤثر على عوامل التخثر. 

ومن أسباب خلل تخثر الدم المرض الوراثية مرض الناعور وهناك أسباب مكتسبة، مثل تناول عقاقير مميعة للدم مثل أسبرين أو مضادات فيتامين كاف وغيرها من مميعات الدم، في هذه الحالة لابد من إعطاء مضاد دواء لإبطال مفعول هذه الأدوية وإيقاف النزف. 

النزيف الداخلي

النزف الداخلي هو النزف الذي يصيب أعضاءً داخلية في جسم الإنسان، فيكون مصدر النزف لا يُرى من خارج جسم الإنسان، ومن الأمثلة على النزف الداخلي : نزف المعدة الذي تسببه القرحة المعوية، ونزف معوي، ونزف رئوي، ونزف الدماغ. 

خطورة النزف الداخلي تكمن في أنه أصعب للتعرف عليه من النزف الخارجي، وإذا ما كان هناك شك بنزف داخلي فإنه بحاجة إلى فحوصات طبية للوصول إلى موقعه، والتعرف على مصدره. 

أعراض وعلامات النزيف الداخلي

تتمثل أعراض وعلامات النزيف الداخلي فيما يلي :-

  1. الوهن العام. 
  2. تغير لون الجلد بحيث يصبح باهتاً.
  3. تصبب العرق المرافق لهبوط في ضغط الدم. 
  4. اختلاف لون البراز وتحوله إلى أسود اللون، أو اللون الغامق إذا كان من المعدة، أو الإسهال الغامق اللون إذا كان من الأمعاء، فيكون قريباً من اللون البني الغامق جداً ويميل إلى السيولة. 
  5. القيء الأسود أو المائل إلى السواد، وهو أيضاً دلالة على نزف المعدة ونزف المريء. 
  6. فقر الدم و يمكن ملاحظته في جميع حالات النزف المزمنة. 

كما يعتبر القيء أو الغثيان، أو اختلال التوازن وفقدان الوعي، من الأعراض التي قد تدُل على النزف الدماغي، وخاصة إذا سبقها حادثٌ ما رافقه إصابة للرأس أو الجمجمة. 

مخاطر النزيف الداخلي

يعتبر النزف الداخلي بسبب كونه غير مرئي أكثر خطراً على حياة المريض من النزف الخارجي الذي يقود المريض بسبب المنظر المنفر للدم إلى العلاج مباشرة، بينما النزف الداخلي يعتبر مختفياً، وبالتالي قد لا تتم ملاحظته، وخطر النزف الداخلي يعتمد على حدة النزف، فالنزف الداخلي الحاد يشكل خطراً مباشراً على حياة المريض وذلك لأنه يفقد المريض كميات من الدم الذي هو سائل الحياة الضروري. ويمكن أن ينزف المريض حتى الموت دون أن يكون ظاهراً عليه إلا في المراحل الأخيرة، وهذا مايجعل النزف الداخلي يحتاج إلى علاج طبي في مستشفى مجهز بغرف عمليات، ولا مكان لعلاج النزف الداخلي الحاد في العيادات الطبية. 

كما أن النزيف الدماغي يمكن أن يؤدي من خلال الضغط على خلايا الدماغ إلى الوفاة، دون أن يرافقه فقدان كميات كبيرة من الدم. 

تشخيص النزيف الداخلي

حتى يتم تشخيص النزيف الداخلي لابد من معرفة الأعراض دواعي الشك في وجود النزيف الداخلي أصلاً، فلو كان هناك شك في وجود نزف دماغي، فلابد من فحص المريض من قبل طبيب مباشرة، سيقوم الطبيب بفحص الوظائف الدماغية، فإذا كانت نتيجة الفحص تساند الشك في وجود نزف دماغي، فإنه لابد من تصوير طبقي للجمجمة والدماغ، وإذا كان هناك شك في نزف معوي، فإنه يتم إجراء فحص مخبري للبراز والقيء، فإذا أثبت الفحص المخبري وجود الدم فلابد من إجراء تنظير داخلي علوي وسفلي للجهاز الهضمي. 

النزيف الخارجي

النزف الخارجي هو فقدان الدم من مكان ظاهر للعيان، وهو غالباً ما يكون بسبب جرح أو إصابة نجمت عن حادثٍ ما، وغالباً ما يرافق هذا الجرح إصابة لشريان ما، حيث أن إصابة الوريد لا تتسبب بشكل عام في نزف يذكر وذلك لأن تخثر الدم سرعان ما يوقف نزول الدم، لذا يمكن القول أنه حتى يسمى نزول الدم بنزف خارجي، لابد في غالب الحال من إصابة شريان ما. 

مخاطر النزيف الخارجي

يتمثل خطر النزف الخارجي بأنه من الصعب أن يتوقف نزول الدم وفقدانه، دون تدخل خارجي، وذلك لأن ضغط الدم في الأوعية الدموية، يعيق عملية تخثر الدم، وبالتالي يستمر النزف. 

علاج النزيف الخارجي

علاج النزف الخارجي هو علاج الجروح، وهو يعتمد بحسب المنطقة المصابة، وحجم الإصابة، ففي حالة الجرح في الأطراف : يتم تنظيف الجرح بالماء النظيف أو بالمواد المعقمة المخصصة للجروح لدقيقة واحدة فقط، ثم يتم الضغط على الجرح مباشرة بقطعة قماش نظيفة أو قطن طبي بشكل متواصل حتى ينقطع النزيف. 

ومن تصحيح الأخطاء الشائعة في معالجة النزيف الخارجي ما يلي :-

  • لاتكرر مسح الجرح وإزالة الدم بشكل متواصل، إن هذا يعيق عملية تخثر الدم، إذ أن أحد شروط تخثر الدم هو وقوف الدم عن الجريان، إن عملية مسح الدم المتواصل قد تجعل من الجرح الطفيف نزفاً كبيراً، كما ان الضغط على الجرح لابد أن يكون بشكل متواصل وثابت لمدة لاتقل عن عشرة دقائق في الجروح الكبيرة. 
  • لا تكرر رفع قطعة القماش عن الجرح كل بضعة ثوانٍ بحجة التأكد من توقف النزف من عدمه، التزم الصبر والتأني واستمر بالضغط لعشرة دقائق مثلاً.
  • تجنب تدليك الجرح، التدليك يساهم في النزف لا في إيقافه. 
  • لاتبالغ في غسيل الجرح، الماء هو أحد العوامل المساهمة في النزف، كذلك لا تمص العضو المصاب (الإصبع مثلاً) ولا تضع عليه لعاباً أو أية مواد أخرى. 
  • لاتربط العضو المصاب قبل الجرح لتوقف وصول الدم إليه عن طريق الأحزمة والأربطة المطاطية، لأن ذلك يؤدي إلى إيقاف وصول الأكسجين والدم إلى كامل العضو، ويساهم في حدوث التهاب للجرح المصاب. اكتفي بالضغط على المنطقة المصابة. 

النزيف الخارجي المستعصي

إذا استمر النزف الخارجي برغم الضغط عليه، فإنه قد يعني إصابة شريان مهم، أو كون الجرح في هذه الحالة معقد، هنا لابد من عرض المريض على الطبيب أو الممرض المتخصص في الحوادث، كما أن هناك جروحاً في الوجه أو الرأس لايمكن علاجها بالطريقة السابقة، في كل هذه الحالات لابد من الاستشارة الطبية. 

وتتم معالجة النزيف الخارجي المستعصي عن طريق تضميد الجرح بطريقة محترفة، وقد عمل غرز (قطب الجرح) وذلك لإيقاد تدفق الدم. وهذا هو الهدف الرئيسي للقطب، كما أنه يساهم في تجنب نشوء تشوهات نتيجة الجرح. 

النزيف الحاد

النزيف الحاد هو النزف الذي يفقد خلاله المريض كمية كبيرة من الدم في وقت قصير نسبياً، وكلما زادت كمية الدم المفقود كلما زاد الخطر على حياة المريض. 

ومن الأمثلة على النزف الحاد : الحوادث التي تصيب المريض وتقطع بها مسارات شريان أو أكثر، أو تلك التي تصيب المرضى الذين يتناولون مميع الدم أو أولئك الذين يعانون من أمراض تخثر الدم، حيث قد تتسبب جروح بسيطة بنزف معقد. 

معالجة النزيف الحاد

تتم معالجة النزيف الحاد من خلال ايقاف النزف بأسرع وقت ممكن، والعناية المركزة بالمريض وخاصة في الحالات الحرجة. 

إيقاف النزيف

يعتمد إيقاف النزف على التعرف على مصدره، النزف الخارجي معرفة مصدره سهلة، أما النزف الداخلي فلابد من فحوصات طبية للتعرف على مصدره، وحين التعرف على مصدر النزف يمكن حينها جراحياً إيقاف النزف، إما بإجراء عملية جراحية، أو بواسطة المناظير. 

ويعتمد العلاج على السبب، فلو كان النزف متوزعاً من مناطق معددة في الجسم بسبب خلل في تخثر الدم فلا بد من علاج هذا الخلل بالأدوية، وتعويض عوامل التخثير في الدم، ولهذا فإن النزف الحاد هو حالة طوارئ طبية لابد من علاجها في مستشفى مؤهل بقسم طوارئ. 

العناية المركزة

يقصد هنا بالعناية المركزة إسناد الوظائف الحيوية للمصاب ومراقبة معطياته الطبية، مثل ضغط الدم، درجة الحرارة، نسبة الحموضة، نسبة الهيموغلوبين في الدم وغير ذالك. 

ويكون إسناد المريض على النحو التالي :-

  • تعويض المريض عن السوائل التي يفقدها وكميات الدم المفقودة، وذلك قد يتطلب نقل الدم للمريض المصاب. 
  • تعويض المريض عن عوامل التخثر التي يفقدها في حالة النزف الحاد جداً، وذلك ليتمكن الدم من التخثر وبالتالي المساعدة على وقف النزف. 
  • يمكن في بعض الحالات الحرجة أن يُنقل المريض إلى قسم العناية المركزة لتثبيت حالته الصحية. 

النزيف المزمن

النزيف المزمن هو النزف البطيء الذي يُفقد المريض كميات قليلة من الدم في الوحدة الزمنية، ولكن على مدار الأيام يصير مجموع ما فقده المريض هائلاً يقضي على مقدرة الجسم على التعويض، وهذا يقود المريض إلى الإصابة بفقر الدم، وهو ما يسمى بالاستنزاف. 

ويكون علاج هذا النزف بالكشف عن مصدره أو سببه، وهذا النزيف أو الاستنزاف نادراً ما يؤدي إلى وفاة، لكونه بطيء، ولكن المرض الكامن خلفه يمكن أن يكون خطيراً مثل السرطانات أو أمراض الكبد. 

مضاعفات النزيف

فقدان كميات كبيرة من الدم تتسبب بالوفاة ولكن حتى ولو تم تعويض الدم المفقود، وبالتالي انقاذ حياة المريض، فإن فقدان كميات كبيرة من الدم يسبب ارهاقاً لأنظمة التخثير والتجلط في الجسم، وبالتالي إلى الاستهلاك المفرط لعوامل التخثير، هذا سيسبب بنفسه نزفاً من جديد، مما يعني أننا ندور في حلقة مفرغة، لذا كان لابد حين التعويض عن الدم المفقود بنقل الدم، وأيضاً نقل عوامل تخثير إلى المريض ونقل صفائح دموية للتعويض عن الاستهلاك المفرط لها وإلا فإن فرص إيقاف النزف ستتضاءل. 

تعليقات

عدد التعليقات : 0